/17_d4cdbf4005.jpg?size=165.74)
by Alexandra Mansilla
صالح الثبيتي، المصور: ‘وراء صمت الإبل تكمن قصص’
18 Jun 2025
Photo: Saleh Althobaiti
صالح الثبيتي هو مصور فوتوغرافي مقيم في الرياض، وقد رأيت على الأرجح صوره الجميلة للجمال - الأمهات يعتنين بصغارهن، الأحضان الرقيقة، الإيماءات الوقائية، الصداقات، وبالطبع، رموشهن الطويلة الساحرة. لكن كيف يتمكن من التقاط هذه المشاهد الحميمة والعاطفية؟
تبيّن أن صالح قضى حياته محاطًا بالجمال في وادي طلحة، حيث كانت هذه الحيوانات جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية. نشأ وهو يراقب سلوكياتهم من خلال تغير الفصول والسنوات. كما يقول صالح ذاته، "بالنسبة لي، ليست الجمال مجرد حيوانات – إنها رفقاء ضمن المنظر الطبيعي." ومن الجيد أن تكون أول صورة له تحتوي على جمل – أم تحتضن صغيرها بحب.
ماذا علمته الجمال؟ كيف تتفاعل وتتصرف؟ ما اللحظات الفريدة التي شهدها، وما القصص المخفية وراء جميع صوره الجذابة، المتعلقة بالجمال وغيرها؟
تحدثنا إلى صالح وتعرفنا على كل هذا وأكثر.
— مرحبًا صالح! هل يمكنك أن تخبرني قليلاً عن خلفيتك؟ أين وُلدت وترعرعت؟ كيف هي عائلتك؟
— وُلدت في الطائف وقضيت معظم طفولتي في وادي طلحة، بين الجمال إلى جانب والدي. كانت الحياة هناك هادئة ومتعلقة بالطبيعة.
نحن عائلة بسيطة، والنشأة في هذا المكان شكلت الطريقة التي أرى بها العالم - بهدوء، واهتمام، وإحساس عميق بالارتباط بالأرض وإيقاعها.
— كيف بدأت رحلتك مع التصوير الفوتوغرافي؟ ما كانت بعض أول الأشياء التي قمت بالتقاطها؟
— بدأت رحلتي مع التصوير الفوتوغرافي في المدرسة الثانوية. كنت مع صديقين، وكان أحدهما مصورًا. سلم لي كاميرته وطلب مني أن ألتقط له صورة. في اللحظة التي أمسكته فيها، شعرت بشيء يتغير - أحببت وزنه، شعور holding a frame in my hands.
بعد ذلك بفترة قصيرة، اشتريت كاميرتي الاحترافية الأولى. وبما أنني نشأت بين الجمال وقضيت الكثير من الوقت مع والدي بينهم، بدا لي من الطبيعي أن أبدأ في تصويرهم. لم أراهم كمواضيع – فقد كانوا مألوفين لي، مليئين بالعواطف، هادئين، ومترابطين بعمق مع حياتنا.
أول صورة التقطتها كانت لأم جمل تتولى برفق لف عمق عنقها حول مولودها. لم تكن مرتبطة بالتحضير أو التخطيط - كانت لحظة هادئة أثرت بي. عندها أدركت أن التصوير الفوتوغرافي، بالنسبة لي، ليس حول اللقطة المثالية... إنه يتعلق بالتقاط شعور.
لم أفكر في التكوين أو التقنية في ذلك الوقت. فقط تفاعلت مع ما رأيته وشعرت به. تلك اللحظة بقيت معي، ليست فقط كصورة، بل كإدراك أن الصور يمكنها حمل العواطف - وأن التصوير الفوتوغرافي، بالنسبة لي، يبدأ عندما يؤثر عليك شيء بما يكفي للضغط على زر الغالق.
/Group_12323_829c3a06eb.png?size=1212.26)
صورة: صالح الثبيتي
— هذه الصورة لا تزال واحدة من صورك المفضلة، أليس كذلك؟
— نعم، من بين جميع الصور التي التقطتها على مدار سنواتي كمصور، فإن هذه الصورة تحمل مكانة خاصة فوق كل البقية. تُسمى “العناق الدافئ.”
لم تكن مجرد بداية رحلتي مع التصوير الفوتوغرافي - لقد كانت اللحظة الأولى التي فهمت فيها حقًا أن الكاميرا هي أكثر من مجرد أداة؛ إنها مرآة للمشاعر غير المعلنة.
لم يكن هناك تحضير، ولا إعداد... كنت ببساطة هناك. الكاميرا في يدي، والمشهد يتكشف من تلقاء نفسه، كما لو أن الحياة نفسها همست لي: “انتباه... هذه هي البداية الحقيقية.”
لم أكن أفكر في الإضاءة أو الزوايا أو التكوين. كل ما شعرت به كان دفئًا عميقًا، ساحقًا - كما لو أن الصورة كانت تحتضنني، وليس العكس. لهذا السبب اخترت الاسم “العناق الدافئ.” لأن ما حدث بين الأم وصغيرها لم يكن مجرد إيماءة - بل كانت رسالة: tenderness needs no explanation.
كانت هذه الصورة هي المرة الأولى التي أدركت فيها أن التصوير الفوتوغرافي ليس حول كيف تبدو الأشياء، بل عن كيف تشعر. الصورة القوية لا تحتاج إلى تأثيرات معقدة - بل تحتاج إلى لحظة صادقة ونية نقية.
وكلما عدت إليها، بعد سنوات، أشعر وكأنني أعود إلى بدايتي... حيث لم تكن هناك قواعد صارمة، ولا متطلبات تقنية - فقط عاطفة نقية تتدفق من العدسة مباشرة إلى القلب، دون طلب الإذن.
/41_3203147003.jpg?size=178.92)
صورة: صالح الثبيتي
— هل التصوير الفوتوغرافي هو عملك بدوام كامل، أم أنك تقوم بشيء آخر أيضاً؟
— درست علم الأحياء الدقيقة في الجامعة، لكن الشرارة الأولى التي شعرت بها عندما أمسكيت بالكاميرا لم تتلاشى أبداً. بينما كنت لا أزال طالباً، استمريت في التقاط الصور — ليس فقط كهواية، ولكن كطريقة لرؤية العالم.
بعد التخرج، أصبح التصوير الفوتوغرافي جزءاً أكبر من حياتي بشكل طبيعي. اليوم، هو مهنتي بدوام كامل. بدأ كلحظة فضول، لكنه تحول إلى طريق — واحد يستمر في تشكيل كيفية عيش حياتي والتعبير عن نفسي.
— كم من الوقت قضيت مع الجمال على مر السنين؟ ماذا يمكنك أن تقول عن سلوكها؟
— قضيت معظم حياتي حول الجمال. منذ الطفولة، كنت مع والدي في وادي طلح، وكانت الجمال جزءًا ثابتًا من حياتنا اليومية. لم أراقب الجمال كما يفعل الباحث — بل عشت معهم. كنت أراقبهم في صمت، على مر السنوات والفصول.
ما لفت انتباهي أكثر هو حساسيتهم العاطفية. الجمال ليست باردة أو منفصلة كما يعتقد الكثير من الناس. هم يتذكرون الوجوه، يستجيبون للأصوات المألوفة، ويعبرون عن مشاعرهم — أحيانًا بلطف، وأحيانًا بفخر.
تتعلم مزاجهم ليس من خلال الدراسة، ولكن من خلال الوجود معهم. تلاحظ كيف يخفضون رؤوسهم عندما يكونون في حالة هدوء، أو كيف يغيرون أقدامهم عندما يكونون غير مرتاحين. الأمر يكمن في التفاصيل — صامتة، بطيئة، لكنها مليئة بالمعنى.
بالنسبة لي، الجمال ليست مجرد حيوانات. هم رفقاء في المنظر الطبيعي، مليئون بالذاكرة والوجود. الكاميرا الخاصة بي تلتقط جزءًا فقط من ذلك — والباقي، أحمله معي.
— هل تتذكر أي جمل معينة تركت انطباعًا دائماً لديك؟
— نعم — هناك ذكرى لن أنساها أبداً. كنت لا أزال طفلاً في وادي طلح عندما اختفى أحد جمالنا، الذي كان قريبًا من الولادة، فجأة. مثلما تفعل العديد من الحيوانات عندما تقترب الولادة، ابتعدت بهدوء عن القطيع بحثًا عن مكان آمن للولادة.
عندما أصبح الصباح، أدركنا أنها مفقودة. بحثت أنا ووالدي لمدة يومين كاملين، مليئين بالقلق. في اليوم الثالث، اتصل شخص ليخبرني أنه رأى جمالنا على بُعد حوالي 25 كيلومترًا.
اندفعنا نحو الموقع ووجدناها. ولكن المشهد كان مؤلمًا. كان هناك سلك معدني مربوط حول رقبتها، مع علب معدنية صغيرة متصلة به. أجبرتها الأصوات على الاستمرار في الجري دون راحة.
كان هذا فعلًا قاسيًا، وواحدًا لن أنساه أبدًا. منذ ذلك اليوم، أدركت أنه خلف صمت الجمال تكمن قصص من الخوف والتعب — قصص لا يمكن أن يفهمها إلا من عاش معهم حقًا.
/8_cd2c4594bf.jpg?size=146.13)
صورة: صالح الثبيتي
— واو، يا لها من قصة... هل يمكنك أن تقول إن الجمال علمتك شيئًا؟
— نعم — لكن ليس من خلال لحظة أو حدث واحد. لقد علموني على مر الزمن، من خلال الوجود الهادئ والملاحظة الدقيقة.
لمن عاش عن كثب مع الجمال، فإنهم ليسوا مخلوقات صامتة، كما قد يظن الكثيرون. هم مليئون بالتعبير، ولكن بطريقتهم الخاصة. لا يرفعون أصواتهم، لا يتعجلون خطواتهم، ولا يتفاعلون بشكل متهور. على مر السنين، علموني كيف أبطئ، كيف أستطيع الانتظار، وكيف أفهم دون الحاجة إلى كلمات.
من خلال الجمال، تعلمت معنى الصبر الحقيقي — ليس فقط الانتظار، ولكن العثور على الهدوء في تلك الانتظار. تعلمت أن المشاعر الصادقة لا تحتاج إلى ضجيج. نظرة واحدة من جمل أم إلى مولودها، أو حركة طفيفة من ذيلها، يمكن أن تقول الكثير — إذا كنت تعرف كيف ترى.
كما علموني ملاحظة أدق التفاصيل — كيف يديرون رؤوسهم، عندما يتوقفون، كيف يستريحون تحت شجرة نخيل أو يتحركون مع الرياح. هذه التفاصيل الهادئة، رغم سهولة إغفالها، شكلت كيف أرى العالم كمصور. لقد علموني أن أقدر اللحظة قبل التقاطها، وأن أنتظرها، لا أن أفرضها.
لذا لم تكن صلتي بالجمال مجرد تجربة بصرية. كانت تعليمًا هادئًا وشخصيًا — جعلني أكثر حضورا ووعيا بجمال الحياة الرقيق نفسه.
/32_725e9cb9b9.jpg?size=150.58)
صورة: صالح الثبيتي
— لقد لاحظت أيضًا أن إحدى صورك تم اختيارها كغلاف كتاب "الجمال من السعودية." هل يمكنك أن تخبرني المزيد عن تلك الصورة؟
— تم ترشيحي لتصوير غلاف كتاب "الجمال من السعودية" في عام 2024 — "عام الجمل" الرسمي. كانت هذه شرفًا كبيرًا لي، ومعلمًا شخصيًا أعتز به بعمق. تصور الصورة الجمال في بيئتها الطبيعية، دون مبالغة أو صناعية، مما يعكس الأصالة والبساطة التي نشأت عليها.
كنت حريصًا على أن تتحدث الصورة عن هوية المكان والزمن — من ضوء الشمس إلى نظرة الجمل — حاولت جعل كل عنصر يشعر بأكبر قدر من الأمانة والصدق الممكن.
— منذ خمس سنوات، تم عرض إحدى صورك في ناشيونال جيوغرافيك. هل يمكنك إخباري بقصة وراء ذلك؟
— تم التقاط الصورة في ميدان سباق الإبل في الطائف، خلال واحدة من أشد عواصف الرمل التي مررت بها أثناء التصوير. كنت في الأصل هناك لتوثيق أجواء السباق، لكن العاصفة حولت المشهد تمامًا — غبار ملأ الهواء، وانخفضت الرؤية تقريبًا إلى الصفر.
بدلاً من التوقف، اخترت مواجهة اللحظة بكاميرتي. تحركت بين الإبل، أبحث عن تكوين فريد وسط كل الفوضى. ثم، في瞬ة قصيرة ولكن قوية، التقطت الصورة التي تم عرضها لاحقًا في ناشيونال جيوغرافيك، كجزء من إصدار خاص يحتفل باليوم الوطني السعودي، إلى جانب مجموعة من المصورين السعوديين المتميزين.
كانت لحظة سريعة وعابرة، لكنها مليئة بالعواطف. كان المشهد مليئًا بالحركة والضجيج والارتباك المرئي... وفي تلك اللحظة، شعرت أنني قد التقطت شيئًا حقيقيًا — قطعة خام من الصحراء، وانعكاسًا حقيقيًا للرابطة بين الناس والإبل في هذه الرياضة التقليدية.
/File_29_0db0814c59.jpg?size=76.06)
الصورة: صالح الثبيتي (ناشيونال جيوغرافيك)
— ماذا يحدث في هذه الصورة؟ من هو الرجل في الصورة؟ هل تذكر تلك اللحظة؟
— تلتقط الصورة لحظة من التشيبير — تقليد ثقافي معروف في الطائف. إنها مسيرة احتفالية تتميز بخطوات ثابتة وحمل مقما‘ — سلاح تقليدي يستخدم لإطلاق البارود — وتمزج بين العرض والكرامة.
/90341361_647636059406253_6051278368925878448_n_f4b115a599.jpg?size=192.4)
التشيبير. الصورة: صالح الثبيتي
الرجل في الصورة يؤدي التأشير, وهو يحمل المقمع بفخر وألفة، كما لو كان طقساً يعرفه منذ الطفولة. كنت حاضراً بكاميرتي، أراقب في صمت. لم يكن الأمر كعرض - بل كان كإعادة سرد بصرية لذكرى طويلة الأمد.
لم أسأله أن يتوقف أو يتظاهر… بل شهدت اللحظة كما حدثت. لهذا السبب أرى هذه الصورة كسجل حي لتراثنا غير الملموس - شيء لا يمكن أداءه أو تكراره بنفس الصدق في أي مكان آخر.
/34_7de0ad1c7a.jpg?size=200.27)
قصر جبرة. الصورة: صالح الثبيتي
- لقد ذكرت سابقاً أنك كنت تزور قصر جبرة كثيراً. لماذا كان (أو لا يزال) مكاناً خاصاً بالنسبة لك؟
- يحتل قصر جبرة مكانة خاصة في قلبي. كنت أزور هذا المكان كثيراً، خاصة في الأيام الأولى من رحلتي في التصوير. كان يبدو كفضاء حيث الزمن يتوقف - مزيج من التاريخ والهدوء.
ما جذبني إليه أكثر هو تصميمه المعماري - التناغم، التفاصيل القديمة، الطريقة التي تتسلل بها الأضواء من النوافذ والجدران الطينية. كل ذلك كان مصدر إلهام عميق للمصور.
/35_148526a308.jpg?size=325.1)
قصر جبرة. الصورة: صالح الثبيتي
لم يكن مجرد مبنى... بل كان مشهداً بصرياً كاملاً، يقدم مساحة واسعة للخيال - مكان يمكنك فيه التأمل في الصلة بين المكان والناس والذاكرة والتاريخ. لهذا السبب كل زيارة كانت كأنها بداية جديدة ومصدراً لطاقة إبداعية متجددة.
/SA_9_1704_copy_3db5b06837.jpg?size=103.61)
صورة: صالح الثوبيتي
— وماذا عن هذه السلسلة من الصور؟ ماذا يحدث هنا؟ من هم الأشخاص في الصورة؟ ما هي الظروف التي التقطتها فيها؟
— تم التقاط هذه السلسلة من الصور في يوم عرفة عام 2022، تحديدًا في جبل عرفة (جبل الرحمة) — أحد أكثر الأماكن قدسية ورمزية في رحلة الحج. كنت هناك ليس فقط كمصور، ولكن كشاهد على واحدة من أعمق اللحظات الروحية التي يمكن أن يعيشها الإنسان.
بينما كنت أتحرك بين الحجاج، كانت كل وجه تخبر قصة مختلفة. بعضهم وقف صامتاً يحدق في السماء، وآخرون رفعوا أيديهم في الصلاة، وبعضهم بكى بهدوء. جاءوا من دول مختلفة وتحدثوا لغات مختلفة، لكن ما وحدهم كان أقوى من أي شيء يفصل بينهم: التواضع، والاستسلام، والأمل.
/SA_9_1817_1_89705dfa25.jpeg?size=448.1)
صورة: صالح الثوبيتي
لم أوجه أحدًا أو أطلب منهم النظر إلى الكاميرا. حاولت ببساطة أن أكون موجودًا دون تدخل، أنتظر بصبر لحظات تتحدث عن نفسها. ولم تكن كل صورة خرجت من هذه السلسلة مجرد إطار... بل كانت شعوراً. لحظة من الارتقاء.
كانت الحرارة شديدة، والغبار يملأ الهواء، لكن ما رأيته في عيون الناس طغى على أي انزعاج جسدي. شعرت أنني أحتفظ بشيء يحدث مرة واحدة فقط في السنة، لكنه يعيش في القلب إلى الأبد.
لهذا السبب، تعتبر هذه السلسلة من الأقرب إلى قلبي. لأنها تلتقط الناس في أكثر حالاتهم ضعفاً وقوة في آن واحد: ضعفاء أمام خالقهم، وأقوياء في إخلاصهم.