/zainabalsabba_1610557822_2485861647418404196_233670535_a55be4c581.jpg?size=157.04)
11 Jul 2025
لقد تعرفنا أولاً على زينب السبع — فنانة، مصممة، ومهندسة معمارية بحرينية — عندما شاهدنا عملها 'الخطوط' في معرضها الفردي خلال بينالي الشارقة للخط في عام 2022. العمل الفني هو حرفيًا خطوط من الكلمات التي تتلاشى في النهايات، مما يعكس معاناة وخيبة الأمل الذاتي، والصمت المفاجئ، والكلام الفارغ، وسخافة الكتابة.
كلما استكشفنا أعمالها أكثر، أدركنا مدى شدة الطابع الشخصي لأعمالها. تصمم تركيبات كبيرة باستخدام الشماعات، تبث السحر باستخدام الإبرة والخيط، وتطرز على القماش (أحيانًا حتى "تربط" نفسها بالتطريز بالمعنى الحرفي) — وهذا مجرد البداية. كل قطعة تحمل معنى خاص بها، وعواطفها الخاصة.
لقد تعجبنا كثيرًا من أعمالها لدرجة أننا لم نستطع إلا أن نطلب منها مشاركة قصتها معنا.
— زينب، هل يمكنك أن تخبريني قليلاً عن نفسك؟ أنتِ من البحرين، لكن كيف كانت طفولتك؟ متى بدأتِ تهتمين بالفن؟
— بالطبع! نشأت في البحرين، في مشهد ثقافي غني حيث كانت طفولتي عبارة عن نسيج محبوك بالقصص الحيوية والحكايات المجتمعية. تفتحت اهتمامي بالفن مبكرًا، خاصة من خلال سيولة خط الكتابة العربية الحرة. ما بدأ كهواية بسيطة سرعان ما تحول إلى مصدر عميق للسعادة والارتياح، مما أشعل شغفًا بترجمة النفاذات المعقدة للمشاعر البشرية إلى تعبيرات بصرية. هذه التجربة التكوينية أنشأت أساسًا لاستكشاف مدى الحياة للفن كوسيلة لفهم تعقيدات الوجود.
— كيف بدأتِ مسيرتك الفنية؟ ما كانت أول خطواتك؟
— بدأت رحلتي الفنية بدراسة دقيقة للخط العربي، حيث تعلمت استخدام القلم بالنعمة والدقة. تطور هذا الاستكشاف إلى ارتباط عميق مع شكل وحركة الحروف، وكشف لي عن الجمال الخفي في كل ضربة. سرعان ما أدركت أن الخط لم يكن مجرد مسعى جمالي بل وسيلة قوية لنقل المعاني والمشاعر الأعمق. دافعتني هذه الفكرة إلى مجال الفن المفاهيمي، حيث سعيت إلى ترك تأثير دائم على المشاهد من خلال التفاعل بين الفكر والشكل.
— تستخدمين الفن كلغة بصرية لتعريف فهمك لمفهوم أحاديث الإنسان اليومية الداخلية للمشاعر والأفكار، والحوار العقلي الذي يستمر داخل رؤوسنا ولا يتوقف أبدًا. كيف يبدو هذا الحوار الداخلي لك بشكل شخصي؟ وما هو النقطة في حياتك التي قررتِ فيها استخدام الفن من أجل هذا؟
— يجسد حواري الداخلي نسيجًا غنيًا من التأملات والطموحات والضعف، وهو محادثة مستمرة تشكل فهمي للذات. إنه هذا المنظر الذهني المعقد الذي أسعى للتعبير عنه من خلال فني. اخترت هذا الوسيلة للتعبير عن أفكاري عندما أدركت أن الفن يمكنه أن يتجاوز الحدود الشخصية، ليكون جسرًا يربط بين تجاربي الداخلية والحالة البشرية الأوسع، ويدعو الآخرين للتفاعل مع حكايتي على مستوى أعمق وأكثف حميمية.
قصص الفن بواسطة زينب السبع
— أنا فعلاً مفتونة بسلسلة قصصك الفنية. قلتِ إن كل قطعة في هذه السلسلة تحمل قصة مميزة لمستك بعمق. هل يمكنكِ مشاركتنا المزيد عن هذا المشروع؟ ما هي هذه القصص؟ كيف صادفتها؟
— تتضمن سلسلتي من القصص الفنية حكايات مميزة ترتبط عميقًا بتجاربي الشخصية والتجارب الجماعية لمجتمعي. كل قطعة هي انعكاس للموضوعات الاجتماعية، وتلتقط لحظات من الضعف والصمود والقوة. غالبًا ما تولد القصص من محادثات عميقة، ملاحظات ثقافية، وتجاربي الحية للأفراد من حولي، تحبك في أشكال بصرية تدعو للتأمل وتعزز التواصل.
— لقد ذكرتِ أيضًا أن العمل الفني بعنوان "وما زالت تتفتح" قريب جداً من قلبك. لماذا ذلك؟ ما هي القصة وراء هذه القطعة؟
— هذا العمل الفني عزيز جدًا على قلبي لأنه يجسد صمود وقوة النساء في مجتمعي. يروي قصة قوية عن النمو والتمكين، ويرمز إلى القدرة على الازدهار رغم الشدائد. من خلال هذه القطعة، أسعى لتكريم الروح التي لا تقهر لمن يستمرون في التفتح، محتويًا رسالة عالمية من الأمل والقوة تتردد عبر الحواجز.
— هل تخططين لمواصلة هذه السلسلة؟
— نعم بالتأكيد! أريد أن أستكشف حكايات وموضوعات جديدة تعكس الطبيعة المتطورة لتجاربنا البشرية. كل قطعة جديدة ستسعى لاستكشاف تعقيدات الهوية والعاطفة، ودعوة المشاهدين للتفاعل مع القصص التي أحكيها والتفكير في رحلاتهم الخاصة.
— في عام 2018، فزتِ بجائزة اختيار الجمهور في المعرض البحريني السنوي للفنون الجميلة الخامس والأربعون للأعمال التي أُنشئت باستخدام الشماعات. فنك غالبًا ما يعبر عن المشاعر — ماذا كنتِ تحاولين إيصال بأعمالك هذه؟ ولماذا اخترتِ الشماعات كوسيلتك الأساسية؟
— هذه الجائزة عن "معلق ومحبوس" كانت محطة تحول في مسيرتي المهنية. من خلال هذا العمل، سعيت للتعبير عن مشاعر التقييد والرغبة في التحرر، باستخدام الشماعات كوسيلة لتوضيح الجمال المستفيض في الأشياء اليومية. أكدت لي هذه التقدير إيماني بقدرة الفن على التأثير بشكل عميق على جمهور متنوع، متجاوزة حدود التجربة الشخصية.
— أنا أحب عملك كثيراً، "الهروب؟". ما كانت الفكرة خلفه؟ ولماذا قررت المشاركة في هذا المشروع؟
— "الهروب؟" يختصر الرغبة العالمية في العزلة والتأمل الداخلي في خضم الفوضى في الحياة الحديثة. قراري بالمشاركة في هذا المشروع نشأ من رغبتي في استكشاف موضوع الهروب، والتواصل مع الآخرين الذين يشاركونني نفس المشاعر. أتاح لي الفرصة للتعمق في تعقيدات البحث عن ملاذ داخل النفس، وتحويل تلك الرغبة إلى تعبير فني ملموس.
— هل تتذكر اللحظة التي قررت فيها استخدام الإبرة والخيط كأدواتك الفنية الرئيسية؟
— تحول هذا المرحلة ظهر خلال فترة من التأمل العميق. هذه الوسيلة اللمسية تمكنني من خلق روابط معقدة ترمز لتعقيدات الحوار الذهني لدي. يعتبر الخياطة مجازًا لتعقيد الفكر والعاطفة، مما يتيح لي نسج قصص متنوعة في بيان فني متماسك.
"الهروب؟" بقلم زينب السبع. تصوير: أحمد الكويتي
— خلال بينالي الشارقة للخط 2022، كان لديك عرض منفرد حيث قدمت القطعة "خطوط"، وُصفت بأنها "نص حر يعكس معاناة وخيبة أمل الذات، حالة الصمت المفاجئة، والكلام عديم الفائدة، وعبثية الكتابة". هل يمكن أن تخبرني المزيد عن هذا العمل؟ ما كان السياق عند إنشائه؟ ما هي الفكرة الكامنة وراءه؟ هل كان شيئًا شخصيًا؟
— "خطوط" هو انعكاس مؤثر لنضالي مع قيمة الذات وعبثية التواصل في حياتنا. تم إنشاؤه خلال فترة تحدي كبيرة، هذا العمل يجسد تجاربي الشخصية مع خيبة الأمل والصمت، ويشجع المشاهدين على التأمل في أفكارهم غير المعلنة والوزن الذي يحملونه في قلوبهم.
"خطوط" بقلم زينب السبع
— أنا أيضًا مهتم جدًا بهذا العمل. ما هو موضوعه؟ لماذا تم حرق الحروف؟
— الحروف المحروقة في عملي ترمز إلى تدمير السرديات الماضية، ممثلةً الخسارة و الإمكانية للتجديد. إنها تعبر عن التعقيدات المعقدة للذاكرة، موضحةً كيف تشكل تجاربنا في بعض الأحيان هوياتنا وتشوّهها، داعية المشاهد للتفكير في علاقته الخاصة بالماضي.
— وأخيرًا، هل يمكنك مشاركة ما تعمل عليه الآن؟ ما هي الأفكار أو الرسائل الرئيسية التي ترغب في التعبير عنها في عملك الجديد؟
— الآن، أندمج في سلسلة جديدة تستكشف مواضيع الذاكرة والهوية. هدفي هو التعبير عن هشاشة ذكرياتنا وتأثيرها العميق على إحساسنا بذاتنا، مستخدمًا أشكالًا فنية مبتكرة تحفز التفكير وتدعو للتفاعل.
أنا متحمس للغوص في المواد المستدامة والأشياء اليومية في أعمالي المستقبلية. يتماشى هذا الاستكشاف مع إيماني بقوة البساطة - استخدام المواد المتاحة لخلق فن يلقى صدى على مستوى أعمق ويتحدث إلى التجربة الإنسانية الجماعية، ليجسر الفجوة بين العادية والعميقة.