image

by Alexandra Mansilla

صالح الثبيتي، المصور: 'وراء هدوء الجمال تكمن قصص'

18 Jun 2025

Photo: Saleh Althobaiti

صالح الثبيتي هو مصور مقيم في الرياض، وقد رأيت على الأرجح صوره الجميلة للجمال — الجمال الأم تعتني بالمواليد، الأحضان الدافئة، الإيماءات الوقائية، الصداقات، وبالطبع، رموشها الطويلة الساحرة. ولكن كيف يتمكن من التقاط هذه المشاهد الحميمة والمليئة بالشعور؟
اتضح أن صالح قضى حياته بأكملها محاطاً بالجمال في وادي الطلح، حيث كانت هذه الحيوانات جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية. لقد ترعرع يشاهد سلوكياتها خلال الفصول والسنوات المتغيرة. وكما يقول صالح بنفسه: "بالنسبة لي، الجمال ليست مجرد حيوانات — إنها رفاق في الطبيعة." وبشكل ملائم، كانت أول صورة التقطها على الإطلاق لجمل — أم تحضن صغيرها بحنان.
ماذا علمته الجمال؟ كيف تتفاعل وتتصرف؟ ما هي اللحظات الفريدة التي شهدها، وما هي القصص المخفية وراء كل صوره الجذابة، المتعلقة بالجمال وما هو أبعد من ذلك؟
لقد تحدثنا مع صالح وتعلمنا عن كل هذا وأكثر بكثير.
— مرحباً صالح! هل يمكنك أن تخبرني قليلاً عن خلفيتك؟ أين ولدت ونشأت؟ كيف هي عائلتك؟
— وُلدت في الطائف وقضيت معظم طفولتي في وادي الطلح بين الجمال وبرفقة والدي. كانت الحياة هناك هادئة ومتصلة بشكل وثيق بالطبيعة.
نحن عائلة بسيطة، والنشأة في ذلك المكان شكلت الطريقة التي أرى بها العالم — بالهدوء والانتباه والارتباط العميق بالأرض وإيقاعها.
— كيف بدأت رحلتك مع التصوير الفوتوغرافي؟ ما هي بعض الأشياء الأولى التي التقطتها؟
— بدأت رحلتي مع التصوير الفوتوغرافي في المدرسة الثانوية. كنت مع صديقين، وكان أحدهما مصوراً. أعطاني الكاميرا الخاصة به وطلب مني أن ألتقط له صورة. في اللحظة التي أمسكت فيها بالكاميرا، شعرت بشيء يتغير — أعجبني وزنها، وإحساس امتلاك إطار بين يدي.
قريباً اشتريت كاميرتي الاحترافية الأولى. بما أنني نشأت بين الجمال وأمضيت الكثير من الوقت مع والدي بينها، كان من الطبيعي أن أبدأ بتصويرها. لم أرها كمواضيع — كانت مألوفة لدي، مليئة بالعاطفة، هادئة، ومرتبطة بعمق بحياتنا.
الصورة الأولى التي التقطتها كانت لجمال أم تلف رقبتها حول مولودها بلطف. لم تكن مفبركة أو مخطط لها — كانت مجرد لحظة هادئة أثرت فيً. هناك أدركت أن التصوير ليس بالنسبة لي عن اللقطة المثالية… إنه يتعلق بالتقاط إحساس.
لم أفكر في التكوين أو التقنية في ذلك الوقت. كانت مجرد رد فعل على ما رأيته وشعرت به. تلك اللحظة بقيت معي، ليس فقط كصورة، ولكن كتفهم بأن الصور يمكن أن تحرك المشاعر — وأن التصوير بالنسبة لي يبدأ عندما يحركك شيء ما بما يكفي للضغط على زر التصوير.
image

صورة: صالح الثبيتي

— هذه الصورة لا تزال واحدة من مفضلاتك، أليس كذلك؟
— نعم، من بين جميع الصور التي التقطتها على مدار سنواتي كمصور، تحافظ هذه الصورة على مكانة خاصة فوق غيرها. تُسمى “العناق الدافئ.”
لم تكن البداية فقط لرحلتي في التصوير الفوتوغرافي — كانت أول لحظة فهمت فيها حقاً أن الكاميرا أكثر من مجرد أداة؛ إنها مرآة للمشاعر غير المصرّح بها.
لم تكن هناك أي إعدادات مسبقة، كنت ببساطة هناك. الكاميرا في يدي، واللحظة تتكشف من تلقاء نفسها، كما لو أن الحياة همست لي: “انتبه… هذا هو البدا الحقيقي.”
لم أكن أفكر في الإضاءة أو الزوايا أو التكوين. كل ما شعرت به كان دفء عميق طاغٍ — كما لو أن الصورة كانت تعانقني، وليس العكس. لهذا اخترت اسم “العناق الدافئ.” لأن ما حدث بين الأم وعجلها لم يكن مجرد إيماءة — بل كان رسالة: الحنان لا يحتاج إلى شرح.
كانت هذه الصورة أول مرة أدركت فيها أن التصوير الفوتوغرافي ليس حول كيف تبدو الأشياء، بل كيف تشعر. الصورة القوية لا تحتاج إلى تأثيرات معقدة — إنها بحاجة إلى لحظة صادقة ونية نقية.
وكلما عدت إليها بعد سنوات، أشعر وكأنني أعود إلى بدايتي الخاصة… حيث لم تكن هناك قواعد صارمة، ولا مطالب تقنية — فقط شعور نقي يتدفق من العدسة مباشرة إلى القلب، دون أن يطلب الإذن.
image

صورة: صالح الثبيتي

— هل التصوير هو وظيفتك بدوام كامل، أم أنك تفعل شيئًا آخر أيضًا؟
— درست علم الأحياء المجهرية في الجامعة، لكن الشرارة الأولى التي شعرت بها عندما أمسكت بالكاميرا لم تخمد أبدًا. بينما كنت لا أزال طالبًا، واصلت تصوير الصور – ليس كهواية فقط، بل كوسيلة لرؤية العالم.
بعد التخرج، أصبح التصوير بطبيعة الحال جزءًا أكبر من حياتي. اليوم، هو مهنتي بدوام كامل. بدأ كلحظة فضول، لكنه تحول إلى مسار – مسار يتواصل مع تشكيل كيفية عيشي وتعبيري عن نفسي.
— كم من الوقت أمضيته مع الجمال على مر السنين؟ ماذا يمكنك أن تقول عن سلوكهم؟
— لقد أمضيت معظم حياتي محاطًا بالجمال. منذ الطفولة، كنت مع والدي في وادي طلح، وكانت الجمال جزءًا مستمرًا من حياتنا اليومية. لم ألاحظهم كما يفعل الباحث، بل عشت معهم. شاهدتهم بصمت على مر السنين والفصول.
ما لفت انتباهي هو حساسيتهم العاطفية. الجمال ليست باردة أو منفصلة كما يعتقد الكثيرون. يتذكرون الوجوه، يستجيبون للأصوات المألوفة، ويعبرون عن المشاعر – أحيانًا برقة، وأحيانًا بفخر.
تتعلم مزاجهم ليس من خلال الدراسة، ولكن من خلال التواجد. تلاحظ كيف يخفضون رؤوسهم عند الهدوء، أو كيف يحركون أقدامهم عند عدم الراحة. يوجد في التفاصيل – هادئ، بطيء، ولكنه مليء بالمعنى.
بالنسبة لي، الجمال ليست فقط حيوانات. هم رفاق في المنظر الطبيعي، مليئون بالذكريات والحضور. كاميرتي تلتقط جزءًا فقط من ذلك – الباقي أحمله معي.
— هل تتذكر أي جمل بعينه ترك انطباعًا دائمًا لديك؟
— نعم — هناك ذكرى لن أنساها أبدًا. كنت لا أزال طفلًا في وادي طلح عندما اختفى أحد جمالنا التي كانت على وشك الولادة فجأة. كما يفعل العديد من الحيوانات عند اقتراب المخاض، فقد فصلت نفسها بهدوء عن القطيع بحثًا عن مكان آمن لتلد.
بحلول الصباح أدركنا أنها مفقودة. بحثنا أنا ووالدي لمدة يومين كاملين، مليئين بالقلق. في اليوم الثالث، اتصل بنا شخص ليخبرنا أنه رآها على بعد 25 كيلومترًا تقريبًا.
أسرعنا إلى الموقع ووجدناها. لكن المشهد كان مؤلمًا. تم ربط سلك معدني حول عنقها، مرفق به علب قصديرية صغيرة. كان الضجيج يجبرها على الاستمرار في الجري دون راحة.
كان عملًا قاسيًا، ولن أنساه أبدًا. منذ ذلك اليوم، أدركت أنه خلف صمت الجمال توجد حكايات من الخوف والتعب – حكايات لا يمكن إلا لأولئك الذين عاشوا معهم بشكل حقيقي أن يبدأوا في فهمها.
image

Photo: Saleh Althobaiti

— واو، يا لها من قصة... هل يمكنك القول أن الجمال علمتك شيئًا؟
— نعم – ولكن ليس من خلال لحظة واحدة أو حدث معين. علموني مع مرور الوقت، من خلال الحضور الهادئ والملاحظة الدقيقة.
لمن عاش على مقربة من الجمال، فهم ليسوا مخلوقات صامتة كما قد يظن الكثيرون. هم مليئون بالتعبير، فقط بطريقتهم الخاصة. لا يرفعون أصواتهم، لا يسرعون خطواتهم، ولا يتفاعلون بتسرع. على مر السنين، علموني كيف أبطئ، كيف أنظر، وكيف أفهم بدون الحاجة إلى الكلام.
من خلال الجمال، تعلمت معنى الصبر الحقيقي – ليس فقط الانتظار، ولكن إيجاد الهدوء في هذا الانتظار. تعلمت أن المشاعر الصادقة لا تحتاج إلى ضجيج. نظرة واحدة من الجمل الأم إلى مولودها الجديد، أو حركة طفيفة من ذيلها، يمكن أن تقول الكثير – إذا كنت تعرف كيف ترى.
كما علموني ملاحظة أصغر التفاصيل – كيف يديرون رؤوسهم، عندما يقفون، كيف يستريحون تحت شجرة نخيل أو يتحركون مع الرياح. هذه التفاصيل الهادئة، على الرغم من كونها سهلة التغاضي عنها، شكلت كيف أرى العالم كمصور. علموني أن أقدر اللحظة قبل التقاطها، وأن أنتظرها، لا أن أفرضها.
لذا كان ارتباطي بالجمال لا يقتصر فقط على تجربة بصرية. كان تعليمًا شخصيًا هادئًا – جعلني أكثر حضورًا وأكثر وعيًا بجمال الحياة الرقيق بذاته.
image

Photo: Saleh Althobaiti

— كما لاحظت أن إحدى صورك تم اختيارها لغلاف كتاب "الجمال من السعودية." هل يمكنك إخباري بالمزيد عن تلك الصورة؟
— تم ترشيحي لتصوير غلاف كتاب "الجمال من السعودية" في عام 2024 – عام الجمل الرسمي. كان شرفًا عظيمًا لي، ومحطة شخصية أعتز بها كثيرًا. تعكس الصورة الجمال في بيئتها الطبيعية، دون مبالغة أو تصنع، معبرة عن الأصالة والبساطة التي نشأت معها.
كنت حريصًا على أن تتحدث الصورة عن هوية المكان والزمن – من ضوء الشمس إلى نظرة الجمل – حاولت أن أجعل كل عنصر يبدو صادقًا وحقيقيًا قدر الإمكان.
— منذ خمس سنوات، تم نشر إحدى صورك من قبل ناشيونال جيوغرافيك. هل يمكنك إخباري بالقصة وراءها؟
— التقطت الصورة في مضمار سباق الجمال في الطائف، خلال واحدة من أقوى العواصف الرملية التي شهدتها أثناء التصوير. كنت هناك أصلاً لتوثيق أجواء السباق، ولكن العاصفة غيرت المشهد كلياً — ملأ الغبار الهواء، وانخفضت الرؤية تقريباً إلى الصفر.
بدلاً من التوقف، اخترت مواجهة اللحظة بكاميرتي. تحركت بين الجمال، باحثاً عن تكوين فريد وسط كل هذا الفوضى. ثم، في لحظة سريعة ولكنها قوية، تمكنت من التقاط الصورة التي تم نشرها لاحقاً في ناشيونال جيوغرافيك، كجزء من إصدار خاص بالاحتفال باليوم الوطني السعودي، بجانب مجموعة من المصورين السعوديين المتميزين.
كانت لحظة سريعة وعابرة، ولكنها عاطفية بعمق. كان المشهد مليئاً بالحركة والضجيج والارتباك البصري... وفي تلك اللحظة، شعرت وكأنني قد التقطت شيئًا حقيقيًا — قطعة خام من الصحراء، وانعكاسًا صادقًا للرباط بين الناس والجمال في هذه الرياضة التقليدية.
image

الصورة: صالح الثقيل (ناشيونال جيوغرافيك)

— ماذا يحدث في هذه الصورة؟ من هو الرجل في الصورة؟ هل تتذكر تلك اللحظة؟
— تلتقط الصورة لحظة من التعشير — وهو تقليد ثقافي معروف في الطائف. إنه مشي طقوسي يتميز بخطوات ثابتة وحمل مقمع — وهو سلاح ناري تقليدي يُستخدم لإشعال البارود — ويمزج بين العرض والهيبة.
image

التعشير. الصورة: صالح الثقيل

الرجل الموجود في الصورة يؤدي التعشير، ممسكًا بالمقمعة بإحساس من الفخر والألفة، كما لو كان طقساً يعرفه منذ الطفولة. كنت حاضراً مع كاميرتي، أراقب بصمت. لم يكن الأمر يبدو كأنه عرض — بل كان أشبه بإعادة سرد بصرية لذكرى طويلة الأمد.
لم أطلب منه التوقف أو التصرف... بل شهدت اللحظة كما تطورت. ولهذا السبب أرى هذه الصورة كسجل حي لتراثنا غير الملموس — شيء لا يمكن إعداده أو تكراره بنفس الصدق في أي مكان آخر.
image

قصر جبرة. الصورة: صالح الثبيتي

— لقد ذكرت مرة أنك كنت تزور قصر جبرة كثيراً. لماذا كان (أو ما زال) مكانًا خاصًا بالنسبة لك؟
— قصر جبرة يحتل مكانة خاصة في قلبي. كنت أزوره كثيراً، خاصةً خلال الأيام الأولى من رحلتي في التصوير الفوتوغرافي. كان يبدو وكأنه مساحة حيث يبقى الوقت ثابتًا — مزيجًا من التاريخ والهدوء.
ما جذبني إليه أكثر كان تصميمه المعماري — التناغم، التفاصيل القديمة، الطريقة التي يتسلل بها الضوء عبر النوافذ والجدران الطينية. كل ذلك كان مصدر إلهام عميق للمصور.
image

قصر جبرة. الصورة: صالح الثبيتي

لم يكن مجرد مبنى... بل كان مشهدًا بصريًا بالكامل، يوفر مساحة واسعة للإلهام — مكان يمكنك فيه التفكير في العلاقة بين المكان، والناس، والذاكرة، والتاريخ. ولهذا السبب كانت كل زيارة تشعر كأنها بداية جديدة ومصدرًا متجددًا للطاقة الإبداعية.
image

الصورة: صالح الثبيتي

— وماذا عن سلسلة الصور هذه؟ ماذا يحدث هنا؟ من هم الأشخاص في الصورة؟ وما هي الظروف التي التقطتها فيها؟
— هذه السلسلة من الصور التقطت في يوم عرفة في عام 2022، وخاصة عند جبل عرفات (جبل الرحمة) — وهو أحد الأماكن الأكثر قداسة ورمزية في رحلة الحج. كنت هناك ليس فقط كمصور، بل كشاهد على إحدى أعمق اللحظات الروحية التي يمكن أن يختبرها الشخص.
بينما كنت أمشي بين الحجاج، كل وجه كان يروي قصة مختلفة. البعض كان يقف بصمت متأملاً في السماء، والبعض الآخر رفع يديه في الدعاء، وبعضهم يبكي بصمت. جاءوا من دول مختلفة وتحدثوا بلغات مختلفة، ولكن ما جمعهم كان أقوى من أي شيء فرقهم: التواضع، والتسليم، والأمل.
image

الصورة: صالح الثبيتي

لم أوجه أي شخص أو أطلب منه النظر إلى الكاميرا. حاولت فقط أن أكون حاضراً دون أن أتدخل، منتظراً بصبر للحظات التي تتحدث عن نفسها. وكل صورة جاءت من هذه السلسلة لم تكن مجرد إطار... كانت شعوراً. لحظة الارتقاء.
كانت الحرارة شديدة والغبار يملأ الهواء، لكن ما رأيته في عيون الناس طغى على أي ضيق جسدي. شعرت أنني أؤرخ لشيء يحدث مرة واحدة في السنة، لكنه يعيش في القلب إلى الأبد.
لهذا السبب هذه السلسلة هي من الأقرب إلى قلبي. لأنها تلتقط الناس في حالتهم الأكثر ضعفاً وقوة في نفس الوقت: ضعفاء أمام خالقهم، وأقوياء في إخلاصهم.