حوّلت قطر الموضة إلى ركيزة أساسية في هويتها العصرية. وبعد سنوات من الاستثمارات الاستراتيجية، أصبحت الدوحة موطناً لكثير من العلامات الفاخرة الرائدة في العالم، وتقدّم تعليماً رفيع المستوى في مجال الموضة، وتستضيف الحدث الأكثر ترقّباً في العالم العربي: Fashion Trust Arabia Awards. ومن خلال هذه المبادرة، ارتقى العديد من المصممين بعلاماتهم وانتقلوا إلى قطر لترسيخ حضور أقوى. كما أدرك المبدعون غير العرب إمكانات المدينة، فتوافدوا إلى لؤلؤة الخليج، ما عزّز أكثر تأثير البلاد عالمياً في صناعة الموضة.

بعد أن أمضيت بعض الوقت في استكشاف مشهد الموضة في الدوحة، أدركت مدى تنوّعه. ستجد ما يناسب الجميع، وأنا متحمّس لمشاركة بعض الأماكن التي لا بد من زيارتها!

Place Vendôme هو خلاصة التسوّق الفاخر وينبغي أن يكون محطتك الأولى. المول البالغة مساحته 1.15 مليون متر مربع هو الأكبر في البلاد، ويضم أكثر من 560 متجراً، بينها متاجر رئيسية لـ Louis Vuitton وValentino وDior وLoewe وPrada وغيرها. وحتى إن لم تكن ميزانيتك على مقاس Chanel، فإن الاكتفاء بتأمّل واجهات العرض سيطفئ عطشك للموضة.

لمن يملك ميزانية أكثر تواضعاً، يمكنك زيارة “Luxury for Less” في الطابق الثاني. فتّش بعناية وقد تعثر على قطعة أو اثنتين نفيسين! التالي على قائمتك ينبغي أن يكون Galeries Lafayette. إذا كنت قد زرت الفرع الباريسي من قبل فقد تشعر ببعض خيبة الأمل؛ وإن لم تفعل، فستستمتع به. التشكيلة تميل أكثر إلى أزياء السهرة.

وهناك أيضاً Printemps لقطع الاستخدام اليومي. وأخيراً، اختتم جولتك التسوّقية في The Gate Mall. إنه الأصغر بين هذه الخيارات وبخيارات محدودة، لكن M Design Gallery، موطن فن البوب الفاخر، يجعل الالتفاف إليه مستحقاً. هل راودتك يوماً فكرة لوح تزلّج من Hermès لتعليقه في غرفة المعيشة؟ ستجده هناك.

أما إذا لم تعنِ لك الشعارات الكثير وكنت تميل أكثر إلى المصممين الصاعدين، فأوصيك بمتابعة كل ما يحدث في M7 وLiwan. فهما من أبرز منصات التصميم الإبداعي ومركز الموضة الابتكاري في الدوحة، إذ يقدمان دعماً للمواهب الشابة والجديدة. يستضيفان بانتظام معارض وحوارات ومتاجر مؤقتة تعرض أحدث أعمال المصممين الواعدين. ولدى معظمهم أيضاً حضور على Pronto، سوق الموضة الراقية الرائد في قطر. وإذا كنت من المهتمين بالموضة المستدامة، فينبغي أن يكون كل من Mhefhef وZero Waste Design Qatar على رادارك. الأولى علامة “healthy dressing” تتمحور حول تصميم المنسوجات، بينما الثانية رائدة في قطر في أبحاث قصّات الخياطة الخالية من الهدر.

إذا كنت ترى نفسك مبدعاً أو مصمماً لا يتبع الصيحات ولديك رؤية متفرّدة للأسلوب، فأنت على موعد مع ما يسرّك. تعجّ المدينة بمحال الأقمشة ومتاجر مستلزمات الخياطة، وإليك اثنين من مفضلاتي: Bombay Silk وToday’s Fashion. ستجد مجموعة واسعة من القطن والكتان الهندي، وأقمشة متخصصة من الشرق الأقصى، وقطن ودنيم ياباني عالي الجودة، وبأسعار معقولة جداً.

إن كنت ترغب في الانتقال إلى مستوى أبعد وتعلّم كيفية التطريز أو حتى نسج أقمشتك الخاصة، Heenat Salma هي وجهتك. تقع على بُعد نحو 40 دقيقة بالسيارة من وسط المدينة، وتقع المزرعة البيئية على أطراف الصحراء. توفّر إقامةً ومجموعة متنوعة من الأنشطة، لكنّك ستنجذب على نحو خاص إلى قسم الفنون والحِرف، حيث يمكنك استكشاف تقنيات تصميم المنسوجات التقليدية مثل تطريز الآري الهندي ونسج السدو البدوي. أنصحك أن تخصّص لها يوماً كاملاً. لذا احجز ورش العمل مسبقاً عبر موقعهم الإلكتروني وخُذ وقتك للاستمتاع بعروض المزرعة الأخرى، من جلسات الطهي إلى جولات استكشاف بصحبة مرشدين.

وأخيراً وليس آخراً، فإن متاحف الدوحة أشبه بصناديق كنوز تعجّ بالأردية البديعة، وأرقى التطريزات، وبعضٍ من أبهى المجوهرات والأحجار الكريمة التي قد تراها في حياتك. متحف الفن الإسلامي يعرض قطع أزياء محفوظة بشكل لافت تعود إلى الفترة ما بين القرن السابع والتاسع عشر. ستسلبك عقود الحقبة المغولية الأنفاس، وستقضي نحو 15 دقيقة وأنت تتأمّل تحفة المجموعة، وهي معطف المهراجا الأزرق الداكن، IYKYK.

وفي الوقت نفسه، المتحف الوطني في قطر يضمّ بعضاً من أغنى الأزياء الثقافية والتراثية في البلاد، مثل الدراع (الزيّ القطري التقليدي)، إلى جانب أغطية الرأس والقلائد والخواتم. وإن كنت من محبي اللآلئ، بيت بن جلمود, وهو جزء من متاحف مشيرب، لا ينبغي تفويته. يوثّق التاريخ المتشعّب للؤلؤ، إحدى الصادرات الرئيسية للبلاد حتى القرن العشرين، ويستكشف التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية العميقة التي جلبها إلى قطر.

قبل أن أودّعك، تنبيه سريع: احرص على تخصيص ساعتين إلى ثلاث ساعات على الأقل لكل زيارة. لا شيء في الدوحة يمكن اختباره على عَجَل. إنها مدينة تعتزّ بإيقاع الحياة البطيء، ولأسباب وجيهة. هناك الكثير مما يمكن رؤيته واكتشافه، وغالباً ما ستجد نفسك تعود مرة ثانية لاستيعاب كل التفاصيل. إذاً، أي نوع من عشّاق الموضة أنت؟ انطلق في هذه الرحلة لتكتشف!