في الصيف الماضي، كشف أدريان بيبي عن "معاناة مترابطة 2.0"، وهو معرض ترك انطباعاً دائماً. استولى على فيلا ديس بالم، جزء من مجمع قصر سورسوك - واحدة من العديد من المباني التي تضررت من انفجار مرفأ بيروت - وقام بتغليفها بالكامل بالصوف المدبوغ. جاءت الفكرة له بعد ملاحظته كيف كانت المباني المدمرة في حيّه مغطاة بسقالات مُعَلّقة بأقمشة خضراء وزرقاء، وأحيانًا حتى بأقمشة جوت خشنة. في عينيه، كانت هذه الأغطية تبدو مثل الضمادات، تَضمِيد مؤقت لمدينة مجروحة. مع مرور الوقت، شاهد كيف تتدلى الأقمشة وتنزل مثل القشور التي تتكون وتتقشر.
بدأ بجمع هذه المواد ونسجها في أعماله المعتمدة على الصوف، مشيراً بتوازي ملحوظ بين كيفية شفاء المدن والأجساد.
الآن، هذه الأقمشة الصوفية الضخمة التي تبلغ مساحتها 200 متر مربع قادمة إلى NIKA Project Space في دبي كعنصر محوري في "الكفن هو قماش"، الذي سوف يستمر من 30 يناير إلى 17 مايو 2025.
في المعرض، سترى كيف يستكشف أدريان الذاكرة، والشفاء، والخيط الرقيق بين التدمير والتجديد. وبالطبع، كيف يعمل سحره مع الصوف - يحوّله إلى تركيبات معقدة، تكاد تكون حية، تعطي حتى أصغر الألياف قصة لترويها. في يد أدريان، لم تعد الأقمشة مجرد مواد؛ بل هي شهود على التاريخ، منسوجة بوزن الذاكرة وآمل التجديد.
لنتعرف على المزيد عن ذلك، دعونا نسمع من أدريان نفسه.
— اسم العرض هو "الكفن هو قماش". هل يمكنك أن تشرح الفكرة وراء هذا العنوان والمعنى الذي قمت بتضمينه فيه؟
— عنوان "الكفن هو قماش" يعكس الدور المزدوج للكفن كغطاء مادي وحامل مفهومي؛ الكفن يحمي ولكنه يخفي. بالنسبة لي، الكفن هو شاهد على الانتقال - بين الحياة والموت، الحضور والغياب، الرؤية والاختفاء. بالإشارة إلى القماش، يجذب العنوان الانتباه إلى مادية الأقمشة وارتباطها العميق بالجسد البشري، إلى الطقوس، وإلى المشاهد التي تأتي منها.
— في قلب المعرض توجد قماش صوفية بمساحة 200 متر مربع كانت قد غطت مبنى تراثي متضرر في وسط بيروت. هل يمكنك مشاركة الفكرة الأساسية لهذه القطعة؟ ماذا تمثل أو تحمل في جوهرها؟
— تكمن فكرة هذا الغلاف اليدوي للمبنى في دوره كلفتة للعناية والإصلاح. من خلال غلاف مبنى تراثي متضرر في بيروت، يبرز العمل هشاشة الهياكل المعمارية، مما يعكس ضعف الأجساد البشرية والجهد المطلوب للحفاظ على كليهما. تتداخل القطعة مع التاريخ المادي للصوف والمدينة، مما يخلق حوارًا ملموسًا بين المكان والذاكرة.
أدريان بيبي. معاناة مترابطة. عرض المعرض. بيروت. 2024. بإذن من الفنان
— ربما كنت قد لاحظت أيضًا ردود أفعال مشاهدين مختلفين تجاه هذا العمل. ما كانت بعض من تلك الردود؟
— استجاب المشاهدون لهذا العمل بطرق متنوعة. بعضهم تأثر بمقياسه الكبير، متفكرين في الجهد الذي بُذل في إنشائه. آخرون مروا بجانبه دون أن يلاحظوا حيث تم تمويهها في عمليات الترميم الجارية. في بيروت، رأى الكثيرون ذلك تكريمًا للمدينة، بينما في سياق المعرض، يدعو للتفكير في التهجير وآثار الأقمشة.
— كانت القماشة الصوفية تغطي مبنى تراثيًا، تمتص حرفيًا كل ما حدث في تلك المساحة. كيف تعتقد أن معناها أو طاقتها قد تغيرت الآن بعد أن تم نقلها إلى بيئة مختلفة تمامًا؟
— في بيئتها الجديدة، تأخذ القماشة دور الأثر، مشجعةً التفكير في هجرة الأشياء والطرق التي تتغير بها معانيها عندما تُزال من سياقاتها الأصلية.
أدريان بيبي. بلا عنوان. 2023. بإذن من NIKA Project Space؛ أدريان بيبي. بلا عنوان. 2023. بإذن من الفنان
— هل يمكنك أيضًا إخباري عن الأعمال الأخرى التي ستظهر في المعرض؟ كيف تستكشف هذه القطع أفكار التفتت، والترميم، والآثار التي تتركها التاريخ الشخصي والجماعي؟ هل هناك أعمال معينة ترغب في تسليط الضوء عليها ليوليها المشاهدون اهتمامًا خاصًا؟
— واحدة من الأعمال الملحوظة هي سلسلة من النذور التي أنشئت من الحطام الذي تم جمعه خلال عملية تنظيف الصوف. بطرق عديدة، ولدت هذه الأعمال من المناظر الطبيعية المدمجة داخل الصوف نفسه. تأخذ هذه الأشكال الصغيرة والمصنوعة باستخدام الأرض، والكولاجين (غراء حيواني)، ومواد الصب سريري، شكل قطع الجسم المت碎ة، سواء كانت بشرية أو من الأغنام. إنها تعكس الشفاء كفعل فردي وجماعي، وتجسر الروابط بين البشر وأي كائنات أخرى.
هذا العمل أيضًا شخصي جدًا، مستلهمًا من ذكريات الطفولة عن الرحلات مع والدتي إلى كاتدرائية السيدة الملائكة في كارتاجو، كوستا ريكا. لقد انبهرت بشكل خاص بغرفة المعجزات (Sala de los Milagros)، وهي غرفة مليئة بالميداليات والنذور التي كانت على شكل قطع الجسم، والتي تم تقديمها كعربون شكر أو تضرع من أجل الشفاء. تركت هذه الصور انطباعًا عميقًا، تربط الرغبة البشرية في الترميم والاستعادة بالتمثيلات الجسدية للإيمان. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تذكرني بالأمسيات التي قضيتها في عيادة والدي للعظام، محاطًا بمواد الصب والنماذج التشريحية، حيث كانت عملية الشفاء تُقارب بدقة وواقعية. من خلال نسج الفعل العقلاني للتدخل الطبي مع تقديم النذور التعبدية، يستقصي العمل الشفاء ك práctica متعددة الأوجه تجسر بين الجسد والروح. ويبرز كيف أن أعمال الرعاية، سواء كانت متجذرة في الإيمان أو العلم، تشترك في نية مشتركة للإصلاح والاستعادة، متحدىً الحدود المدركة بين العقل والاعتقاد.
— أخيرًا، هل هناك قطعة محددة من "غطاء هو قماش" تحمل معنى خاصًا لك؟
— "الإلقاء" تحمل معنى خاصًا جدًا لي. هذا العمل وُلِد من أداء مستمر حيث تم تشكيل الصوف الرطب مباشرة على جسدي، مما أنشأ قالبًا بحجم الإنسان تم التخلص منه لاحقًا مثل جلد ثانٍ. كانت العملية جسديًا وعاطفيًا متطلبة، تتطلب الاستسلام للضعف بينما كان المواد يلفني تدريجيًا ثم يطلقني. بينما كان الصوف يحيط بجسدي، كان يرمز إلى عملية التحول — من الهجين، حيث اختلطت التواريخ والمواد البشرية وغير البشرية.
ما يجعل "الإلقاء" ذا أهمية خاصة هو كيف يستقصي الشفاء كفعل تعاوني — بين الجسم والمواد، الإنسان والحيوان. يتحدث هذا العمل عن الحدود المسامية بين الأنواع والهويات، مجسدًا فكرة الشفاء ليس كدولة ثابتة ولكن كعملية مستمرة ومتداخلة من التحول.