image

by Alexandra Mansilla

أول قاموس له، بوصته. حياة راعي الإبل

10 Aug 2025

Photo: Saleh Althobaiti

بعد كتابة عن المصور السعودي صالح الثبيتي، فهمت لماذا هو بارع جدًا في تصوير الجمال - لماذا يستطيع التقاط ما لا يستطيع الآخرون. السبب الأول هو الموهبة، بالطبع. ولكن السبب الآخر هو أنه نشأ بين الجمال. كان والده راعي جمال، كما كان جدّه من قبله، والجمال كانت جزءًا من الحياة اليومية، كما هي الآن.
بدأ صالح مشروع تصوير مخصص لوالده. طلبنا منه مشاركة بعض تلك الصور معنا، إلى جانب القصة الكاملة عن والده.
image

صورة: صالح الثبيتي

الجمال كانت مرآته الأولى

في عائلة صالح، لم تكن الجمال مجرد حيوانات. كانت جزءًا من تاريخ العائلة، وقد شكلت نمط الحياة اليومي لأجيال. نشأ والد صالح في خط من رعاة الجمال — كان جده راعي جمال. وكذلك كان والد جدّه. لم يكن مهنة تختارها. “إنها تنتقل في الدم”، يشرح صالح، “متجذرة في القلب قبل أن تعرف نفسك.”
كبر والده على إيقاع خطواتهم — يسير معهم في الرحلات الطويلة، ينام على صوت زفراتهم، ويستيقظ على غيابهم.“إذا اختفت الجمال، كان اليوم يبدو يومًا بلا ظل”، يذكر صالح أن والده قال. “عندما عادوا، عاد التوازن داخله أيضًا.”
image

صورة: صالح الثبيتي

الطفولة، كما يعرفها معظمنا، لم تكن جزءًا من حياته. كان محمولًا على ظهر الجمال، بين الجبال والرياح والصمت. تعلمت عيناه حركاتهم كما نتعلم الحروف. استمع إلى صمتهم كما تستمع إلى نصيحة مهمة.
لكل جمل، كان يعطي احترام الكائن الحي، بمشاعر، واشتياق، وألم، كل واحد بطبعه وأسراره. من سن مبكرة، قد أتقن ما لا يمكن تدريسه بالكلمات: لغة العيون، إشارات الجسد، وثبات الانتظار — شيء لا يفهمه سوى من عاشوا بين الجبال.
“عندما أقول إن والدي عاش مع الجمال”، يستمر صالح، “لا أعني أنهم كانوا جزءًا من حياته فقط. لقد عاشوا داخله، وشكلوا روحه وكيفية رؤيته للعالم. كانوا مرآته الأولى، وقاموسه الأول، والبوصلة التي تعلم من خلالها فهم الحياة.”
image

الصورة: صالح الثبيتي

المهمة الأولى لليوم - الذهاب إلى الجمال

بدأ اليوم قبل شروق الشمس. كان والد صالح يصلي الفجر ويذهب إلى الجمال — دائمًا المهمة الأولى في الصباح. كان يفحص كل حيوان بعناية، ويقرأ في عيونها ما تحتاجه. فقط عندما يطمئن عليها كان يفكر في نفسه.
كان يقودها إلى مراعيها، غالبًا في الجبال، وكان يستطيع قراءة الأرض كقراءة يوميات: يعرف من أثر واحد أي جمل مر ومتى. إذا كانت إحداها على وشك الولادة، كان يبقى بجانبها لأيام.“الراحة كانت في ظلهم,” يتذكر صالح, “وكان الزمن يُقاس بالشمس، وليس بالساعة.”
عندما يأتي المساء، كان يعود إلى المنزل حاملاً معه الحليب الطازج، والغبار على ملابسه، ورائحة الصحراء في شعره — قِطع صغيرة من عالمه الآخر يجلبها إلى عائلته.
image

الصورة: صالح الثبيتي

لغة بلا كلمات

“إذا أحبك الجمل، فإنه سيطيعك دون عصا,” كان يقول والد صالح. “إذا وثق بك، فإنه سيمنحك ذاته.”
كانت تواصله مع الحيوانات يعتمد على الإيماءات، تغييرات في الصوت، والمراقبة الهادئة. كان يستطيع قراءة مزاجها من طريقة مشيها، واحتياجاتها من طريقة وقوفها، وقلقها من نظرة عينيها. كان يعرف متى يقترب ومتى يبتعد، خاصةً خلال موسم التزاوج عندما قد تتصاعد المزاجات.
لم يتعلم صالح التعامل مع الجمال من المحاضرات. قام والده فقط بأخذه معه. لم تكن هناك تعليمات، فقط لحظات طويلة من المشاهدة والانتظار.“يعرف الجمل قلبك قبل أن يعرف صوتك,” كان يقول والده.
تعلم صالح أن يمشي برفق حتى لا يزعج الرمال، أن ينتظر حتى تدعوه عيون الحيوان للاقتراب، وأن يبقي صوته منخفضًا وثابتًا.
كانت الجمال تحمل الإمدادات في الرحلات الطويلة بين المراعي والماء، لكن دورها تجاوز العمل. كانت تضبط وتيرة حياته، وتربطه بالأرض، وتجلب الهدوء الذي لا تمنحه إلا الصحراء.
image

الصورة: صالح الثبيتي

جوخه و خليفة

بعض الجمال بقيت في ذاكرة والد صالح أكثر من غيرها. جوخه، الناقة، كانت واحدة منها. مرة، عندما كان والده بعيدًا، فقد الراعي مراقبتها. وجدواها بعد ساعات في الجبال وقد كُسرت رجُلها. إنقاذها كان مستحيلًا. تلك الليلة، لم يتحدث والده. "وكأن الجبل قد أخذ قطعة من قلبه،" يقول صالح.
كان هناك آخر وهو خليفة، الذي وُلد بينما كانت القطيع يتم نقله. اضطر والده لتركها مؤقتًا، ثم العودة من خلال الجبال ليجلبها مع العجل إلى المنزل. نفد الماء لديه في الطريق، واعتمد على حليبها حتى وصلوا القرية بأمان.
image

الصورة: صالح الثبيتي

بين عالمين

اليوم، تعيش أسرة صالح في المدينة، لكن قلب والده ما زال في الجبال. في الأمسيات، لا يزال يزور الجمال، يشرب الحليب الطازج، ويجتمع مع رُعاة آخرين. يتشاركون القصص، يتبادلون الأخبار، ويتذكرون الماضي، فيحافظون على حياة الصحراء حتى في حافة المدينة.