لأوّل مرة في تاريخه الحافل، يحطّ أبرز معرض التصميم في العالم رحاله في الشرق الأوسط. مع Red in Progress. Salone del Mobile.Milano meets Riyadh — المُقام بشراكة استراتيجية مع هيئة فنون العمارة والتصميم التابعة لوزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية — سيحوّل الحدث مركز الملك عبدالله المالي في الرياض إلى منصّة نابضة للتصميم والحوار وتبادل الأعمال في نوفمبر المقبل.

على رأس الحدث تقف Maria Porro، أول امرأة تتولى رئاسة Salone del Mobile.Milano. في حوارنا معها، تخبرنا عمّا يمكن توقّعه من هذا الظهور المفصلي الأوّل، وكيف يعزّز التصميم الحوار الثقافي، ولماذا تبني إيطاليا والمملكة العربية السعودية اليوم جسرًا إبداعيًا معًا.

— ماريا، يقدّم Salone del Mobile.Milano ظهوره الأوّل في الشرق الأوسط في نوفمبر المقبل مع “Red in Progress”. كيف تشكّلت هذه الشراكة مع هيئة فنون العمارة والتصميم في المملكة العربية السعودية؟

— وُلدت من رؤية مشتركة لا من اجتماع واحد. تؤمن كلٌّ من هيئة فنون العمارة والتصميم وSalone del Mobile.Milano بأن التصميم جسرٌ بين الثقافة والصناعة. توافقنا على أربع ركائز — التميّز، التعليم، الاستدامة، والأثر بعيد المدى — ومن هناك بنينا شراكة قادرة على خلق نتائج ملموسة: تبادل المعرفة، معايير مهنية، ومشاريع حقيقية. السعودية اليوم هي المكان الذي تتحوّل فيه الأفكار إلى بيئات مبنيّة؛ أردنا أن نكون جزءًا من تلك اللحظة.

— ما الذي جذبكِ — وجذب Salone — إلى الرياض كوجهة تالية للحوار الثقافي في التصميم؟

— الرياض تنتقل من الرؤية إلى التنفيذ. إنّها مدينة قيد البناء — حرفيًا — وتلك الطاقة تتناغم معنا. جعلت رؤية 2030 من التصميم نقاشًا وطنيًا حول جودة الحياة والحرفة والابتكار. بالنسبة إلى Salone، يعني هذا فرصة لتحويل الإمكان إلى مشاريع — بمواءمة انضباط التصنيع الإيطالي مع سرعة السعودية وطموحها.

— ماذا يعني للرياض أن تستضيف Salone del Mobile.Milano للمرة الأولى؟

— إنها إشارة إلى العالم بأن السعودية جاهزة للانضمام إلى حوار التصميم العالمي على قدم المساواة. نأمل إلهام جيل من المبدعين وتزويد السوق بأدوات — معايير، منهجيات، وشراكات — تترجم الرؤية إلى مشاريع عالية الجودة.

— لماذا “Red in Progress”؟ ماذا يعني لكِ هذا العنوان؟

— الأحمر هو رمزنا الأبرز — يعبّر عن الطاقة، الترحيب، والحسم. يترجم Giò Forma ذلك إلى الفراغ عبر سقالات حمراء شبه شفّافة تحوّل اللغة الخام لموقع البناء إلى منصّة ثقافية. و“In Progress” إقرارٌ بحقيقة أين نحن: هذه بداية، نموذج أوّلي لعلاقة نريد أن نبنيها خطوةً خطوة.

— هل ترين هذا مشروعًا لمرة واحدة أم بداية علاقة طويلة الأمد بين ثقافتي التصميم في إيطاليا والسعودية؟

— على المدى الطويل، بلا شك. “Red in Progress” هو مجرّد الفصل الافتتاحي لرحلة تقود إلى Salone del Mobile.Milano Riyadh الكامل في 2026. نحن نبني جسرًا مستدامًا — تدريبًا مشتركًا، منصّات B2B، وإرشادًا للمواهب الصاعدة — كي يتحوّل الحوار الثقافي إلى أعمال حقيقية، فرص فعلية، وتعاون طويل الأمد.

— ما الذي ينبغي للزوّار توقّعه من Salone del Mobile.Milano meets Riyadh؟

— تخيّلوا استحواذًا على المدينة — الرياض باللون الأحمر. في مركز الملك عبدالله المالي، يحوّل Giò Forma الأفق إلى بوّابة غامرة. في الداخل، تعرض 38 علامة إيطالية لافتة كيف تبدو الجودة والابتكار والاستدامة عندما لا نكتفي بالحديث عنها بل نبنيها. أنت لا “تمشي” في المعرض — بل تتنقّل عبر قصة: أثاث، إضاءة، أسطح؛ كل محطة تقرن أفكارًا جريئة بحلول واقعية.

تبحثون عن صفقات، لا إلهامًا فقط؟ ردهة الأعمال من Lissoni & Partners هي المكان الذي يلتقي فيه المصمّمون مع مديري المنتجات والرؤساء التنفيذيين لعقد لقاءات B2B موجّهة. أمّا الحوارات وجلسات الماستر كلاس — بتنظيم مشترك مع هيئة فنون العمارة والتصميم — فتزاوج الحِرفة الإيطالية بزخم السعودية. ليس ذلك عرضًا استعراضيًا؛ إنه محرّك حي لتحويل الأفكار إلى واقع.

— ماذا تأملين أن يأخذ الناس — وخصوصًا المصمّمون الشباب في المنطقة — من هذا الحدث؟

— إحساس بأن التصميم ثقافة حيّة يمكنهم الانضمام إليها — وتنميتها. نريد للمبدعين الشباب أن يغادروا بأطر تفكير جديدة، ومعارف عملية يمكن استخدامها صباح يوم الاثنين، وبجهات اتصال حقيقية داخل شركات تصنع الأشياء. الهدف هو تحويل الفضول إلى قدرة والمحادثات إلى تعاون — زيارات لاستوديوهات، برامج تدريب، سبرنتات تصميم مشترك، ومشاريع تجريبية تربط المواهب الصاعدة مباشرةً بشبكات الإنتاج. إن خرجوا مُلهَمين ومتصِلين ومجهّزين لاتخاذ الخطوة التالية، نكون قد أدّينا مهمّتنا.

— أنتِ أول امرأة تقودين Salone del Mobile.Milano. أود أن أسألكِ بصفتكِ شخصًا، لا بصفتكِ رئيسة: كيف كان الأمر في البداية؟ وكيف تشعرين الآن؟

— في البداية كان شرفًا ومسؤوليةً في آنٍ معًا. أنحدر من عائلة من الحِرفيين، لذلك لطالما رأيت التصميم ممارسةً إنسانية. في البدايات كان هناك ضغط — توقعات، تقاليد، وحجم الصالون — لكنني اليوم أراه مشروعًا جماعيًا بُني مع فريق استثنائي. ما يهم هو الحفاظ على الدفء الإنساني في المركز.

— قلتِ مرةً، “لا يجب أن نحبس أنفسنا في أبراجنا الذهبية — نحن بحاجة إلى طرح أسئلة أفضل.” ماذا تسألين نفسكِ الآن؟

— كيف نجعل التصميم أكثر فائدة — للناس، وللكوكب، وللأجيال القادمة؟ كيف نقيس ما نقوم به بحيث يتقدمان الجمال والمسؤولية معًا؟ هذه هي الأسئلة التي تُبقي الصالون حيًا وذو صلة.

— قلتِ أيضًا إن “الخوف هو أسوأ رفيق يمكن أن يكون لنا”، لأنه يمنعنا من الاستثمار في البحث والثقافة. عندما تسترجعين بدايات مسيرتكِ — هل اختبرتِ ذلك الخوف بنفسك؟ هل كانت هناك لحظات كان عليكِ تجاوزُه فيها للاستمرار في المضي قدمًا؟

— بالطبع. حين انتقلتُ من المسرح إلى التصميم ثم إلى القيادة، كانت هناك لحظات من الشك. لكن الخوف يمكن أن يكون معلمًا إذا واجهناه بفضول. في صناعتنا، يوقف الخوف الابتكار — ولهذا أصرّ على البحث والاستثمار الثقافي باعتبارهما الترياق.

— وأيضًا من كلماتكِ: "أعتقد أن علينا مسؤولية أن نشرح بشكل أوضح لماذا التصميم مهم." إذًا، لماذا التصميم مهم؟

— لأنه يترجم الطريقة التي نريد أن نعيش بها. يحوّل التصميم القيم المجرّدة — الرعاية، والراحة، والجمال، والكفاءة — إلى أشكال ملموسة تُشكّل الحياة اليومية. ليس زينةً؛ بل هو بنية تحتية مدنية.

— برأيكِ، ما الأفق الكبير التالي للتصميم؟

— البعد الإنساني. ستواصل التكنولوجيا والمواد التطوّر، لكن الحدّ الحقيقي هو التعاطف — فهمُ كيف يمكن للأماكن والأشياء أن تحسّن الرفاه والشمول وعلاقتنا بالكوكب. سيُقاس التصميم ليس بما يخلقه فحسب، بل بما يُحسّنه أيضًا.