/image6_1_93c48d8162.jpeg?size=214.7)
by Alexandra Mansilla
Aadil Abedi: "كل لمسة في فن الخط تحمل ذكرى"
2 Oct 2025
يتعامل مع الخط العربي بعناية، ويحوله إلى شيء فني مع الحفاظ على جذوره. كما يقول: “أسكب قلبي وقصتي فيه، وأجعله نابضًا بالحياة في عالم اليوم، بطريقة تمكّن الناس من التواصل معه بما يتجاوز مجرد قراءته.”
هذا هو Aadil Abedi — فنان ومدير إبداعي. تعود أصوله إلى الهند وباكستان لكنه وُلِد في المملكة المتحدة.
هل كان يعلم وهو طفل، أو حتى مراهقًا، أنه سيكرّس حياته لفن الخط؟ وأنه سيتعاون مع ديزني وآبل من خلال الخط؟ أو أنه سيصنع يومًا ما عملًا فنيًا هائلًا لجادا بينكيت سميث؟ لا، لم يكن يعلم. لقد عمل في إنتاج التلفزيون قبل أن يدرك أن ذلك ليس ما يريده حقًا.
فكيف حدث ذلك؟ وما القصص التي يرويها من خلال فنه؟ ولماذا كان مخيفًا بالنسبة له أن يبدأ العمل بالخط العربي؟ فلنسأله.
— عادِل، أولًا، هل يمكنك أن تخبرني عن العائلة التي تنحدر منها؟
— أنحدر من عائلة جنوب آسيوية تقليدية جدًا. والداي أصلهما من الهند وباكستان، لكنهما التقيا في المملكة المتحدة وتزوّجا هناك في السبعينيات. لم يكن لأيٍّ منهما علاقة بالعالم الإبداعي. كان والدي محاسبًا، وكانت والدتي تعمل في الخدمة المدنية. لذا كان دخولي إلى عالم الفنون أرضًا غير مستكشفة تمامًا بالنسبة لي.
لم يكن أمامي مخطط واضح بالفعل. جعل ذلك الرحلة مخيفة ومثيرة في آن واحد. من جهة، كان عليّ اكتشاف كل شيء من الصفر، ومن جهة أخرى منحني ذلك حرية رسم طريقي الخاص حقًا، من دون أن يقول لي أحد “هكذا يجب أن يتم الأمر.”
— قلتَ ذات مرة إن الفن بدأ بالنسبة لك هواية بينما كنت تسعى لمسيرة في إنتاج التلفزيون. هل تعيدني إلى ذلك الوقت؟ كيف بدأت مسيرتك في إنتاج التلفزيون، ولماذا قررت أن تتركه في 2014؟ وهل كان ذلك قرارًا صعبًا؟
— في ذلك الوقت، كنت أعمل في إنتاج التلفزيون لدى BBC وChannel 4 في المملكة المتحدة، وهو ما بدا على الورق المسار الإبداعي المثالي. كنت أحب السرد وأعشق المرئيات، وكان التلفزيون يتيح لي أن أكون قريبًا من تلك الطاقة. لكنني أدركت بسرعة مدى تنظيم ذلك العالم وهرميّته. أنت جزء من آلة كبيرة، وبرغم أنه مثير من نواحٍ معيّنة، بدأت أشعر بأن لا سيطرة لي تقريبًا على ما أعمل عليه فعلًا وأخلقه.
وفي الوقت نفسه، كانت لدي هواية جانبية صغيرة تتمثل في الرسم والتجريب بالخط في أوقات فراغي. لم تكن يومًا “الخطة”، بل شيئًا يجعلني أشعر بالحياة أكثر. ومع مرور الوقت، بدأت ألاحظ أن الساعات التي أقضيها في ذلك تمنحني إحساسًا بالحرية لم أجده في العمل.
بحلول عام 2014، أصبح اختلال التوازن صارخًا بحيث لا يمكن تجاهله. كنت أعلم أنني أريد مسيرة تمنحني الاستقلال، وألا يضيع صوتي في سلسلة من الموافقات، وأن أبني شيئًا يكون لي بحق. لم يكن ترك التلفزيون سهلًا، ولا التخلّي عن راتب ثابت، لكنني في قرارة نفسي كنت أعلم أنني لا أستطيع الاستمرار في المساومة على ما أريده حقًا. لم يكن الأمر مغادرة التلفزيون بقدر ما كان اختيار نفسي. وقد شكّل ذلك القرار كل ما قمت به منذ ذلك الحين.
ولأنني آتي من عائلة جنوب آسيوية بلا خلفية إبداعية، كان ذلك الاختيار أكثر إخافة. لم تكن هناك خريطة طريق ولا مثال يمكنني أن أشير إليه وأقول: “انظروا، لقد نجح معهم.” شعرتُ كأنني أكسر نصًا ثقافيًا وأبتعد عن الاستقرار نحو شيء لم يستطع أحد فهمه تمامًا في ذلك الوقت. لكن تلك القفزة إلى المجهول هي بالضبط ما جعله خاصًا بي.
— كتبتَ أنه في بداية مسيرتك كنت دائمًا متوترًا قليلًا حيال التلاعب بالخط العربي وتحويله إلى شيء أكثر «فنيّة». لماذا كان ذلك؟ هل يمكنك التوضيح؟
— في البداية كنت متوترًا لأن الخط العربي ليس مجرد خط عادي. إنه مقدّس. يحمل قدرًا هائلًا من التاريخ والروحانية. نشأتُ على احترام عميق له، وآخر ما أردته هو أن يبدو عملي طائشًا أو غير محترِم. لذا عندما بدأتُ في التجريب، وفي ليّ وتمطيط الحروف لتصبح أكثر سلاسة أو تجريدًا، كان هناك دائمًا صوت صغير في رأسي يسأل: “هل يُسمح لي بفعل هذا؟”
استغرق الأمر وقتًا لأفهم أن تكريم الخط لا يعني بالضرورة إبقاءه جامدًا داخل التقليد. كانت طريقتي في احترامه أن أسكب قلبي وقصتي فيه، وأن أجعله نابضًا بالحياة في عالم اليوم، بطريقة تمكّن الناس من التواصل معه بما يتجاوز مجرد قراءته. نعم، كنت حذرًا في البداية، لكنني أظن أن ذلك التوتر هو الذي صاغ أسلوبي فعلًا. جعلني متعمّدًا في اختياراتي. كان على كل خط أرسمه أن يحمل الجمال والمعنى معًا.
— رأيتُ مرة تعليقات سلبية على أعمالك تقول أشياء مثل: “لا تُسِئ إلى كلمات القرآن من أجل الفن.” كيف كان رد فعلك؟ وهل تؤثر فيك مثل هذه التعليقات بأي شكل؟
— بلا شك رأيت تعليقات كهذه على مر السنين، لكنها قليلة جدًا الآن. وبصراحة، أفهم دوافعها. القرآن مقدّس، والخط العربي يحمل ثقلًا روحيًا كبيرًا. عندما يرى أحدهم تقديمه بطريقة تختلف عما اعتاد عليه، وخاصة بأسلوب «فنّي» أو تجريبي، قد يستثير ذلك استجابة عاطفية قوية.
في البداية، كانت تلك التعليقات تُؤلم. أنا إنسان في النهاية. تضع الكثير من نفسك في شيء ما، ومن الصعب ألا تأخذ النقد على محمل شخصي. لكن مع الوقت، تعلمت أن أتعامل معها بوصفها تذكيرًا بالمسؤولية التي أحملها. لا أقترب من الخط باستخفاف أبدًا؛ فكل خط أرسمه ينطلق من مكانٍ من الاحترام، حتى عندما أدفع حدود الشكل.
الآن، بدلًا من أن تدفعني التعليقات السلبية إلى التوقف، تجعلني أكثر ثباتًا. تجعلني أتوقف، وأتأمل، وأتحقّق من نيّتي مرتين. وفي نهاية المطاف، إذا كان عملي يشعل حوارًا، حتى لو كان صعبًا، فهذا يعني أنه يؤدي ما يُفترض بالفن أن يفعله: أن يجعل الناس يشعرون ويفكرون ويتفاعلون.
— أنت تمارس الخط منذ أكثر من 10 سنوات، إذا لم أكن مخطئاً. كيف تقول إن أسلوبك تطوّر مع مرور الوقت؟
— أنت محق، لقد مضى الآن أكثر من عقد، وهذا أمر يبدو جنونياً حتى حين أقوله بصوت عالٍ. في البداية كان عملي حرفياً وتقليدياً جداً. كنت أركّز على أن يكون الخط «صحيحاً»، وكأن عليّ أن أثبت لنفسي أنني أتقن الأساسيات قبل أن أسمح لنفسي بأي مجازفة.
مع مرور الوقت، أصبح أسلوبي أكثر سلاسة وتجريدية، وبدأت أترك الحروف تتنفّس، تتمدّد، وتتفاعل مع بعضها البعض بطرق أقرب إلى الرسم منها إلى الكتابة. أظن أن هذا التحوّل جاء حين صرت أكثر راحة مع صوتي الخاص. توقّفت عن القلق بشأن “هل هذا صحيح؟” وبدأت أسأل: “هل يبدو هذا صادقاً؟”
الآن، بات خطّي أقل ارتباطاً بالشكل الصارم وأكثر ارتباطاً بالطاقة والعاطفة والحركة. أصبحت الضربات أكثر جرأة وتجريبية. أحب سكب الطلاء، وتراكب الخامات، وترك المصادفات تصبح جزءاً من العمل. وبطرق كثيرة، يعكس تطوّر أسلوبي رحلتي الشخصية؛ من الحذر إلى الحرية، ومن المحاكاة إلى التعبير.
/Frame_1744_2_1781341550.jpg?size=362.18)
أسماء الله الحسنى (2019)
— أي عمل فني استغرق منك أطول وقت لإنجازه؟
— بلا شك، لوحة أسماء الله الحسنى التي أنجزتها في 2019. ذلك العمل التهمني تماماً! كان بالغ التعقيد ومُتعدّد الطبقات ومفعماً بالألوان، وكل تفصيل فيه كان يتطلّب عناية كبيرة. أمضيت أسابيع أعمل عليه، وأحياناً كان الوقت يفلت مني تماماً لشدّة انغماسي في العملية. وكان ذلك أيضاً قبل أن أشعر بالثقة الكافية لأبدأ مباشرة بالفرشاة والطلاء — في ذلك الوقت كنت أحدّد كل كلمة بالقلم الرصاص أولاً ثم أملؤها.
ما جعلها مميّزة لم يكن طول الوقت فحسب، بل ثِقل ما تحمله. فكل اسم عميق المعنى والدلالة، وكنت أشعر بمسؤولية كبيرة لأن أكرّم ذلك بالطريقة التي رسمتها بها.
وعندما ابتعدت أخيراً ونظرت إليها مكتملة، شعرت تقريباً وكأنني خضت رحلة أنا نفسي. لم يكن الوقت الذي استغرقته متعلقاً بالتقنية فقط؛ بل كان عن الصبر والتأمّل والإبطاء بما يكفي للجلوس حقاً مع شيء مُقدّس. لهذا تظل من أكثر الأعمال معنىً مما صنعتُ على الإطلاق.
— في عام 2018، قدّمت عملاً مذهلاً مُهدى إلى الإنسانية على جدار في بالتيمور. هل يمكنك أن تخبرني المزيد عنه؟ هل كان صعباً؟
— نعم، ذاك الجدار في بالتيمور سيبقى معي دائماً. كان في الواقع ثاني تركيبة فنية لي على نطاق واسع، لكنه بدا كأنه المرة الأولى التي أفهم فيها حقاً أثر إخراج الخط من الإطار ووضعه مباشرة في فضاء عام.
كتبت الآية من سورة البقرة: “جعلكم شعوباً وقبائل لتعارفوا.” لطالما لامستني تلك الجملة بعمق لأنها تذكير قوي بإنسانيتنا المشتركة. أردت للجدار أن يحمل تلك الرسالة، لكي يشعر أيّ شخص يمرّ بجانبه، أياً كان ومن أينما أتى، أنه مرئي فيه.
هل كان صعباً؟ بالتأكيد. الحجم وحده يغيّر كل شيء؛ فأنت لم تعد تمسك قلماً فحسب، بل تسند جسدك كله إلى جدار، وتعمل بفرَش وضربات يجب أن تحمل السلاسة نفسها كما لو كانت على شيء أصغر بكثير. لكن ذلك التحدّي منحني أيضاً حرية. صارت الأخطاء جزءاً من النسيج، وصارت العيوب في الواقع تمنحه إحساساً بالحياة.
ذلك العمل في بالتيمور علّمني الكثير عن المقاس، وعن الهشاشة، وعن كيف يمكن للفن أن يلاقي الناس حيث هم، في العالم خارجاً، لا داخل المعارض فقط. وبالنسبة لي، فإن وجود كلمات تلك الآية في العلن، تذكّر الناس بالوصل لا بالفصل، جعلها من أكثر الأعمال معنىً مما رسمته في حياتي.
/aadilabedi_1577819124_2211229544219021946_39573333_59dceaaf5b.jpg?size=189.21)
تصوير: أكبر علي
— سؤال مفاجئ: واو، أنت تعرف Ali Javed — مصوّر مذهل بالفعل! كيف التقيتما؟
— التقينا عبر أصدقاء مشتركين في دبي في بدايات مسيرتي، ومنذ ذلك الحين ظلّ صديقاً مقرّباً. لم نلتقِ فعلياً منذ سنوات، إذ لم أعد إلى دبي منذ فترة، لكنه التقط لي صوراً جميلة وساعدني كثيراً في بناء ملف أعمالي في بداياتي. موهوب جداً وإنسان صادق ومعطاء كان، وما يزال، كريماً بعطائه. آمل أن أقوم برحلة إلى دبي في يناير 2026، ولا أطيق الانتظار لأتواصل معه وجهاً لوجه من جديد، وآمل أن أقف أمام عدسته في جلسة تصوير ممتعة.
— حسناً، لنعد إلى عملك. في عام 2019 كان أول تعاون لك مع علامة الملابس Verona. كيف حدث ذلك؟ وما الذي رغبت في التعبير عنه بفنّك في تلك المجموعة؟
— كان ذلك التعاون مع Verona في 2019 نقطة تحوّل كبيرة بالنسبة لي. حتى ذلك الحين كان عملي يعيش في الغالب على اللوحات والجدران. وحين جاءت الفرصة لأدخل خطّي إلى عالم الأزياء المحتشمة، بدا الأمر كطريقة جديدة تماماً تُمكّن الناس من ارتداء الفن وحمله معهم.
ضمّت المجموعة بدلات متناسقة، وكيمونو، وجمبسوت، وصُمِّم كلّ عنصر منها مع إدماج نقشي المميّز فيها. ما أردت التعبير عنه هو فكرة أن الخط ليس محصوراً بالورق أو المعارض؛ بل يمكنه أن يعيش في حياتنا اليومية. أحببت فكرة أن يرتدي أحدهم إحدى تلك القطع ويشعر بجمال وقوة في آن، وكأن الفن يلفّه بالمعنى.
وكان مهماً أيضاً أن يكون أول تعاوني في الأزياء مع علامة ملابس محتشمة. فالحشمة، مثل الخط، لها قوة هادئة خاصة بها. ليست صاخبة، لكنها قوية. وجمع هذين العالمين كان طريقتي للاحتفاء بالهوية والإيمان والإبداع دفعة واحدة.
— أرى أنك تصوّر الدراويش كثيرًا. هل هناك سبب لذلك؟
— نعم، الدرويش يظهر كثيرًا في أعمالي. بالنسبة لي، الدرويش ليس مجرد شخصية؛ إنه رمز للتسليم، للابتعاد عن ضجيج العالم والاقتراب من الإلهي. وطريقة دورانهم، بيد تمتد إلى أعلى والأخرى إلى أسفل، لطالما أثّرت فيّ كتذكير جميل بالتوازن بين السماء والأرض، وبين الروح والذات.
على المستوى الشخصي، أظن أنني كنت دائمًا مشدودًا إلى فكرة الحركة. خطّي شديد الانسياب، مليء بالتموجات والمنحنيات، ويبدو الدرويش كأنه تجسيد حي لتلك الطاقة. ورسمهم يكاد يكون تأمليًا، وكأنني لا أرسم شخصًا، بل حالة من الوجود.
لذا نعم، أعود إلى الدرويش كثيرًا لأنه تذكير لي ولغيري بأنه في قلب الفوضى توجد سكينة، ويوجد إيقاع، وهناك سبيل لإيجاد السلام بالتخلّي.
— وهل أنجزت عملًا حتى لِجادا بينكيت سميث؟ ماذااا؟ كيف حدث ذلك؟
— نعم! كانت بالتأكيد واحدة من تلك اللحظات السريالية التي تجعلك تقرص نفسك لتتأكد. كانت جادا بينكيت سميث قد رأت بعض أعمالي، ومن خلال وسيط مشترك سنحت فرصة لأن أبدع لها عملًا خاصًا. لا أزال أتذكر أنني فكرت، كيف يكون هذا حقيقيًا؟ وقد طلبت طائر الفينيق وهو ينهض، مع نقش أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين ضمن هيئته.
وما جعله مميزًا لم يكن فقط أنه لشخص مشهور جدًا، بل الطريقة التي ارتبطت بها بالفن نفسه. ذكّرني ذلك بأن الخط، رغم أنه متجذّر في لغة وتقاليد محددة، يحمل طاقة كونية، ويشعر الناس بشيء ما حين يرونه، حتى إن لم يفهموا كل كلمة.
تلك التجربة منحتني الكثير من الثقة في وقت مبكر. وكانت تذكيرًا بأن عملي يمكنه أن يسافر بعيدًا خارج دوائري، من الأصدقاء والعائلة إلى شخصيات عالمية، بينما يظل يحمل المعنى نفسه. وبصراحة، هي واحدة من تلك القصص التي سأظل على الأرجح أحكيها إلى الأبد.
/Frame_2330_c1c444c6c6.jpg?size=432.49)
العمل الفني لجادا بينكيت سميث
— ثم تعاون مع ديزني — واو! كيف حدث ذلك؟
— نعم، كان ذلك ضخمًا. تواصلت معي ديزني لأنها وللمرة الأولى أرادت ابتكار محتوى حول العيد. كان أمرًا مميزًا جدًا أن أكون جزءًا من تلك اللحظة، ليس فقط بصفتي فنانًا، بل كشخص نشأ دون أن يرى يومًا عيدًا مثل العيد يُحتفى به على ذلك النطاق من قِبل علامة تجارية عالمية.
صمّمت لهم أعمالًا بصرية دمجتُ فيها خطّي، مستندةً إلى فكرة الأمنيات الثلاث من الجني في علاء الدين، وكانت ردود الفعل بصراحة مدهشة. عبر جميع المنصات، انتهت الحملة إلى أن شوهدت أكثر من 90 مليون مرة. أن أرى الناس من مختلف أنحاء العالم يتفاعلون مع شيء يحتفي بالعيد بهذا الشكل الإيجابي كان أمرًا بالغ المعنى بالنسبة لي.
بالنسبة لي، لم يكن ذلك التعاون يتعلق بالأرقام فحسب؛ بل كان يتعلق بالظهور. كان تذكيرًا بأن تقاليدنا واحتفالاتنا تستحق أن تُرى وأن تُشارك. وأن تُقدم ديزني على تلك الخطوة، وأن أكون الفنان الذي وثقوا به فيها، شيء سأعتزّ به دائمًا.
تعاون مع ديزني
— أنا أعشق مجموعتك من الأعمال المستوحاة من الأرض. هل يمكنك أن تخبرني المزيد عنها؟ لماذا قررت إنشاءها؟
— تلك اللوحة، إزالة الغابات، انطلقت من إحساس بالإلحاح. أردت أن أصنع شيئًا ليس جميلًا فحسب، بل أيضًا مُقلقًا، يدفعك للتوقف والتفكير في الضرر الذي نُلحقه بالأرض. كان الملمس الثقيل، الذي يكاد يكون موشومًا بالندوب، مقصودًا. أردت للسطح أن يبدو خامًا، منزوعًا، غير مستقر؛ كما تشعر الأرض حين تُزال الغابات.
الشريط الخطي الذي يشق اللوحة يعمل كجرح، لكنه أيضًا تذكير. بالنسبة لي، كان الأمر يتعلق بإظهار أنه حتى وسط الدمار، تبقى اللغة والتاريخ والروح خلفها، لكنها هشة، وإذا واصلنا تجاهلها، قد يخبو حتى ذلك.
كانت سلسلة الأرض بأكملها سؤالًا أطرحه على نفسي: ما الدور الذي يلعبه الفنان في هذه الحوارات؟ بالنسبة لي، كان الأمر أشبه برفع مرآة والقول: انظروا، هذا ليس منفصلًا عنّا. الإيمان والإبداع والمجتمع جميعها مرتبطة بالأرض التي نمشي عليها. إن لم نحْمِها، فلن نفقد الأشجار فحسب، بل جزءًا من روحنا.
إزالة الغابات
— في عام 2024، صنعت شيئًا أكثر إدهاشًا: أول سجادة صلاة لك على الإطلاق. ما الفكرة وراء التصميم؟
— كان تصميمي لأول سجادة صلاة لي في عام 2024 لحظة خاصة جدًا بالنسبة لي. لطالما آمنت بأن الفن والروحانية ليسا منفصلين؛ بل متداخلان بعمق. وشعرت أن سجادة الصلاة هي الطريقة الأكثر طبيعية لدمج هذين العالمين معًا.
الفكرة وراء التصميم كانت ابتكار شيء يبدو خالدًا وشخصيًا في آن. فالصلاة فعل حميم للغاية، وأردت للسجادة أن تحمل الإحساس ذاته بالحميمية. استخدمتُ وحدتي الزخرفية الخطية بطريقة تؤطر الفضاء، وكأنها تحتضن المُصلّي، تُثبّته على الأرض وفي الوقت نفسه ترفعه.
كما كنت أفكّر كثيرًا في الإرث؛ في كيف تعيش هذه القطع في بيوتنا لسنوات، وتُورَّث، وتصبح جزءًا من طقوس العائلة. لذا لم يكن الأمر مجرد صنع شيء جميل بصريًا؛ بل ابتكار قطعة قادرة على حمل المعنى والذكرى في كل مرة تُفرش فيها. وأنا دائمًا أضيف عناصر من الحداثة إلى أعمالي، وهذه السجادة حافظت على ذلك الحس العصري عبر استخدام تصميم خطي متماثل، إلى جانب الألوان الحمراء الغنية النابضة والعميقة المتداخلة فيها.
— يسحرني تعاونك مع Nominal، حيث ابتكرت مجموعة التراث ووصفتها بأنها “كل قطعة رسالة حب إلى المكان الذي أنتمي إليه.” هل يمكنك أن تخبرني المزيد عن هذه القطع؟
— مجموعة التراث مع Nominal قريبة جدًا إلى قلبي. وصفتها بأنها “رسالة حب إلى المكان الذي أنتمي إليه” لأن كل قطعة تحمل خيطًا من جذوري وتاريخي وهويتي. لم أرد لها أن تكون مجرد مجوهرات لمجرد المجوهرات؛ أردتها أن تروي قصة.
تمزج التصاميم خطي العربي مع عناصر مستوحاة من الفن المغولي، ومن النباتات والحياة الفطرية الهندية، وريش الطاووس، وأوراق البيبال. هذه رموز نشأتُ محاطًا بها، وإن كان ذلك بلا وعي أحيانًا، في العمارة القديمة، وفي المقتنيات العائلية الموروثة، وفي الزخارف التي كانت جزءًا من نسيج الحياة. جمعها معًا في مجموعة مجوهرات عصرية بدا كأنه تكريم للماضي وفي الوقت نفسه ابتكار شيء جديد لهذا الجيل.
بالنسبة لي، صارت كل قطعة أكثر من مجرد إكسسوار؛ أصبحت جسرًا. جسرًا بين الثقافات، بين التقليد والحداثة، بين المكان الذي أنتمي إليه والمكان الذي أنا فيه اليوم. ورؤية الناس يرتدونها ويحملونها إلى حياتهم وحكاياتهم الخاصة كانت من أكثر جوانب الرحلة إرضاءً.
مجموعة التراث
— قلتَ مرة عن التعاونات: ‘عندما أقرر مع مَن أتعاون، أسأل نفسي بضعة أمور. هل يفهمون حقًا روح ما أُبدِعه؟’ كيف تصف تلك الروح؟
— بالنسبة لي، فإن “الروح” في ما أصنعه تتعلق بالنية. عملي ليس مجرد زينة أو شكل جمالي؛ إنه متجذّر في شيء أعمق بكثير. كل ضربة قلم في الخط تحمل ذاكرة وتراثًا وروحانية وعاطفة. الأمر يتعلق بالسرد، وبالاتصال، وبأن يشعر الناس بشيء ما عندما يقفون أمام العمل.
لذا، عندما أفكر في “الروح”، فهي في الحقيقة ذلك الخيط غير المرئي. احترام الخط العربي، وتبجيل الثقافة والتاريخ، وكذلك الهشاشة في أن أضع رحلتي الشخصية داخل العمل. هذا هو الجزء الذي أحميه أكثر من غيره.
إذا تعاونتُ مع أحد، أريد أن أعلم أنه يرى ذلك ويكرّمه. فمن السهل النظر إلى الذهب أو الخطوط الانسيابية والاعتقاد بأنها مجرد تصميم. لكن الروح هي السبب، والمعنى، والإيمان، والحب، والتجارب المعيشة الكامنة وراءه. وإذا لم يفهم الشريك ذلك، فلن يحمل العمل القدر نفسه من الحقيقة.
— عادل، ما القادم؟ على ماذا تعمل الآن؟
— القادم هو شيء كنت أحلم به منذ بداية رحلتي الإبداعية: إطلاق خط ديكور منزلي خاص بي. سيأتي العام المقبل، ويبدو كأنه محطة كبيرة في مسيرتي لأنني أبنيه بنفسي بالكامل. لسنوات وأنا أرغب في إدخال خطي إلى المساحات اليومية للناس — أطباق، منسوجات، وأغراض ليست مجرد فن على الجدار بل تصبح جزءًا من طريقة عيش العائلات واجتماعها. وأن أتمكن أخيرًا من تجسيد ذلك على أرض الواقع يبدو أقرب إلى الخيال ومثيرًا للغاية.
وفي الوقت نفسه، مع علامة Aadil Abedi، أفكر بصورة أوسع. أريد دفع التعاونات إلى ما بعد الموضة والمجوهرات، إلى مجالات مثل تصميم السيارات، والتركيبات الفنية واسعة النطاق، وحتى التصاميم الداخلية للمطاعم والفنادق. أحب فكرة أن يكون عملي ليس مرئيًا فحسب، بل مُعاشًا؛ أن تدخل غرفة أو مبنى وتَشعر بطاقة الخط المنسوجة فيه.
لذا فعليًا، ما هو قادم هو التوسع. ليس في الحجم فحسب، بل في الخيال أيضًا. تمتلك دولة الإمارات، على وجه الخصوص، علاقة قوية بكلٍ من التقليد والابتكار، وأتمنى أن يلعب عملي دورًا في ذلك الحوار.